يواصل معدن الغاليوم (Gallium) فرض نفسه بقوة على الساحة العالمية، نظراً لدوره الحيوي في صناعة الهواتف الذكية، ومعدات الرادار، ومجموعة واسعة من التطبيقات الأخرى. بعد أن كان يباع بأسعار منخفضة جداً تتجاوز تكاليف الإنتاج، انسحب العديد من المنتجين من خارج آسيا من سوق إنتاج هذا المعدن في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وفي ظل هذه الظروف، وسعت الصين قدراتها الإنتاجية لمعدن الغاليوم، لتسيطر الآن على حوالي 98% من الإنتاج الأولي منخفض النقاء، وفقاً لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. وقد تسبب فرض بكين ضوابط على التصدير في قلق كبير لدى المشترين العالميين، مما أدى إلى مضاعفة أسعار الغاليوم تقريباً في أوروبا، وقيّد الوصول إلى هذا المعدن الأساسي في صناعة الرقائق، سواء في التطبيقات المدنية أو العسكرية.
رغم وفرة معدن الغاليوم، كونه منتجاً ثانوياً من البوكسيت وخام الزنك، فإن العوامل الاقتصادية قد حولته إلى كنز نادر. وقد تتجه مصافي المعادن مثل شركة أتالكو، التي تُعد “آخر مصفاة عاملة للألومينا في الولايات المتحدة”، إلى إعادة النظر في اهتمامها بالاستثمار في هذا المعدن.
وتعمل شركة نيرستار، المملوكة لمجموعة ترافيجورا لتجارة السلع الأساسية، على تقييم منشأة مقترحة في مصهرها بتينيسي. وتقدّر أن هذه المنشأة، التي كلفت 150 مليون دولار قبل عامين، يمكن أن تلبي 80% من الطلب السنوي في الولايات المتحدة على كل من الغاليوم والجرمانيوم، وهو معدن آخر يخضع لقيود التصدير الصينية. وقد يتطلب الأمر تقديم مجموعة من الحوافز المالية، بما في ذلك الأموال المخصصة لهذا الغرض.
مثال على ذلك هو قانون الإنتاج الدفاعي الأمريكي، الذي يهدف إلى تقليل الاعتماد على الإمدادات الأجنبية وتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية المحلية. وهناك أيضاً إمكانية لعودة المنتجين السابقين من خارج الولايات المتحدة، مثل ألمانيا وكازاخستان والمملكة المتحدة.
كما يمكن البحث عن مصادر بديلة. على سبيل المثال، يمكن استخراج الغاليوم من رماد الفحم المتطاير، وهو ناتج عن احتراق الفحم. ومع ذلك، تعد عملية إعادة التدوير أكثر تعقيداً بسبب وجود الزرنيخ السام في المركب الأكثر استخداماً.
يذهب حوالي ثلثي الغاليوم إلى إنتاج رقائق زرنيخيد الغاليوم، التي تعد مفتاحاً للمكونات التي تمكّن الاتصالات من الجيلين الرابع والخامس في الهواتف الذكية، بالإضافة إلى مصابيح LED وأجهزة الاستشعار. في المقابل، توفر حلول بديلة مثل استبدال الجرمانيوم مزيداً من الأمان البيئي وتكلفة أقل بفضل توافر أحجام أكبر. ومع ذلك، فإن الجرمانيوم أيضاً يخضع لضوابط التصدير الصينية، لكن سهولة إعادة تدويره تمنحه ميزة إضافية.
قد يضيق العرض بشكل أكبر إذا أغلقت الصين الثغرات التي تسمح للمستخدمين النهائيين في الولايات المتحدة بالشراء من دول ثالثة مثل اليابان وكوريا الجنوبية. مثل هذه التحولات تتطلب وقتاً ومالاً، لكن من الواضح أن البحث عن بدائل ضروري لمواجهة التحديات الحالية.