بينما ساعد مئات الألبان الذين عبروا القناة الإنجليزية على متن قوارب صغيرة، عصابات المخدرات في تأمين قبضة خانقة على سوق القنب في بريطانيا، تم تجنيدهم كعمال في “مزارع القنب” غير القانونية التي أُقيمت في منازل مستأجرة أو مبانٍ صناعية مهجورة لإنتاج محاصيل تصل قيمتها إلى 2 مليون جنيه استرليني في المرة الواحدة، والتي يمكن زراعتها وحصادها في أقل من 12 أسبوعا.
وأشار تحقيق لصحيفة “التليجراف” البريطانية، اخترق قناة سرية على تطبيق الرسائل المشفرة “تيليجرام”، يستخدمها أكثر من 700 ألباني لمشاركة المعلومات حول عملياتهم في القنب، إلى “أفضل المواد الكيميائية لنمو النباتات، والطريقة الأكثر فعالية لحصاد نباتات القنب، والاقتصاديات المتعلقة بتأمين العقارات لإنتاج المخدرات، ولماذا تعتبر القوس والنشاب أفضل من البنادق للدفاع عن محاصيلهم من العصابات المتنافسة”.
وتشعر الشرطة البريطانية بالقلق من أن “تيليجرام” أصبح “المنصة المفضلة للمجرمين. وتسمى قناة العصابات الألبانية باسم “كوشو”، الذي يعني “ابن العم”، وهو اللقب الذي يستخدمه الألبان لمخاطبة بعضهم البعض.
وينقل التحقيق عن الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، أن “الاحتراف القاسي الذي أظهره الألبان في زراعة القنب مكنهم من إزاحة الفيتناميين باعتبارهم المزودين المحليين الرئيسيين للمخدرات في بريطانيا”.
وبينما انتقلت العصابات الألبانية، التي كانت متخصصة سابقًا في الكوكايين، إلى تجارة القنب؛ لأنه كان “منخفض المخاطر للغاية”، يروي أعضاء القناة السرية حوادث سطو تم فيها قطع أصابع عمال “مزارع” القنب، وطالبهم أصحاب الأراضي بحصص من الأرباح تصل إلى خمسة أرقام.
طلب كبير
يحقق القنب في المملكة المتحدة أرباحًا كبيرة بسبب الطلب المرتفع. إذ يستهلك البريطانيون 240 طنًا من المخدرات، بقيمة 2.4 مليار جنيه إسترليني، سنويًا، والتي لا تتطلب نقلًا محفوفًا بالمخاطر عبر الحدود، لأنها محلية الصنع، وفقًا للوكالة الوطنية لمكافحة المخدرات.
وتشير “التليجراف” إلى أن الارتفاع الكبير في أعداد الألبان الذين عبروا القناة الإنجليزية في عام 2022، عندما وصل 12685 منهم إلى المملكة المتحدة في قوارب صغيرة “أدى إلى توفير إمدادات جاهزة من العمال غير الشرعيين، المهرة في تكنولوجيا الزراعة المائية المطلوبة لزراعة هذه النباتات في الغرف المظلمة في المنازل”.
وقد صدرت أحكام على نحو 29 ألبانيًا في شهر يوليو وحده بتهمة إنتاج المخدرات بشكل غير قانوني، وتبع ذلك مثول 24 ألبانيًا آخرين أمام المحاكم في أغسطس، وهذا يمثل ما يقرب من شخص واحد يوميًا.
قبلها، في نهاية العام الماضي، حُكِم على نحو 101 مهاجر ألباني غير شرعي بالسجن لأكثر من 300 عام في غضون ثلاثة أشهر. وأدين ثلاثة أرباعهم بجرائم مرتبطة بإنتاج القنب في مزارع داخلية في جميع أنحاء إنجلترا وويلز.
قوس ونشاب
في مناقشات “تيليجرام” حول كيفية “حماية المزارع”، أوضح أحد الألبان أنه “من الأفضل إنفاق 337 جنيهًا إسترلينيًا على قوس ونشاب عالي القوة بدلًا من مسدس، لأن القبض على حيازة هذا النوع من الأسلحة يحمل عقوبة أقل”.
وبدا أن البعض أقل قلقًا بشأن اكتشاف الشرطة لعملياتهم غير القانونية من التعرض للهجوم والسرقة من قبل العصابات المنافسة.
وقال أحد الألبان المقيمين في لندن: “الشرطة ليست المشكلة الكبرى. المشكلة الرئيسية هي اللصوص الذين يستخدمون الآن طائرات بدون طيار لتحديد هوية المنازل. إنهم يكتشفون الحرارة المنبعثة من النباتات من خلال أسطح المنازل”.
بينما اشتكى آخرون من أن أصحاب العقارات يفرضون عليهم رسومًا زائدة مقابل استخدام ممتلكاتهم أو يطالبونهم بنصيب من الأرباح.