في خطوة مفاجئة، التقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بنظيره الأمريكي السابق دونالد ترامب، في نيويورك اليوم الجمعة، ما يفتح صفحة جديدة في علاقة معقدة بين الزعيمين، إذ يأتي هذا اللقاء، في خضم حملة انتخابية أمريكية محتدمة، ويسلط الضوء على الانقسامات الحزبية العميقة حول الحرب في أوكرانيا ودور الولايات المتحدة فيها.
لقاء تاريخي وسط توترات سياسية
وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست”، هذا اللقاء هو الأول بين ترامب وزيلينسكي منذ عام 2019، وجرى في مرحلة حاسمة من السباق الرئاسي الأمريكي، إذ وصف ترامب اللقاء قبل الاجتماع، بأنه “شرف”، مشيدًا بتعامل زيلينسكي مع المكالمة الهاتفية الشهيرة بينهما في عام 2019، والتي أدت إلى إجراءات عزل ترامب الأولى.
من جهته، أكد زيلينسكي أن لديه “رؤية مشتركة” مع ترامب بأن الحرب في أوكرانيا يجب أن تتوقف وأن نظيرهما الروسي فلاديمير بوتين “لا يمكن أن ينتصر”، مضيفًا : “الأوكرانيون يجب أن ينتصروا، وأريد أن أناقش معك التفاصيل حول ذلك”.
دعم أمريكي إضافي
يأتي هذا اللقاء في إطار جولة دبلوماسية مكثفة يقوم بها زيلينسكي في الولايات المتحدة، حيث ألقى خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع.
والتقى الرئيس الأوكراني أيضًا بنظيره الأمريكي الحالي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأمريكية، أمس الخميس، في محاولة للحصول على المزيد من الدعم العسكري لبلاده.
وأشارت الصحيفة إلى أن زيلينسكي حاول إقناع البيت الأبيض بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أمريكية الصنع لضرب أهداف أبعد داخل روسيا، لكن هذا الطلب قوبل بالرفض.
بدلاً من ذلك، أعلن بايدن عن حزمة جديدة من المساعدات العسكرية، بما في ذلك قدرات دفاع جوي إضافية.
لقاء نائبة الرئيس بايدن كامالا هاريس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
موقف ترامب المتشكك
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن فوز ترامب في انتخابات نوفمبر المقبلة قد يؤدي إلى تحول كبير في موقف الولايات المتحدة تجاه الحرب في أوكرانيا.
فبينما يسعى بايدن وهاريس إلى إظهار الدعم لزيلينسكي، أعرب ترامب ونائبه المحتمل، السيناتور جي دي فانس، عن شكوك عميقة حول تقديم المساعدات لأوكرانيا.
وصرح ترامب مرارًا بأن الحرب لم يكن لتحدث لو كان لا يزال رئيسًا، كما أبدى إعجابه بقرارات بوتين الاستراتيجية، واصفًا إياها بأنها “ذكية” و”عبقرية”.
وفي مؤتمر صحفي، ادعى ترامب أنه يمكنه التوسط في صفقة بين زيلينسكي وبوتين “بسرعة كبيرة”، لكنه رفض تقديم تفاصيل حول ماهية هذه الصفقة.
وأشارت الصحيفة إلى تقارير سابقة تفيد بأن ترامب قال في جلسات خاصة إنه يمكنه إنهاء الحرب عن طريق الضغط على أوكرانيا للتخلي عن بعض أراضيها.
كما انتقد ترامب زيلينسكي بشدة في وقت سابق من هذا الأسبوع، قائلاً: “نواصل إعطاء مليارات الدولارات لرجل يرفض إبرام صفقة”، في إشارة تبدو وكأنها تلقي باللوم على زيلينسكي في استمرار الحرب، رغم أن روسيا هي المعتدي.
انقسامات جمهورية
ونوهت “واشنطن بوست” بوجود انقسامات عميقة داخل الحزب الجمهوري حول مسألة دعم أوكرانيا، فبينما يدعم بعض الجمهوريين البارزين، مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، تقديم المساعدات لأوكرانيا، يتزايد عدد المشرعين الجمهوريين الذين يتبنون موقفًا أكثر تشككًا، متماشين مع آراء فانس وترامب.
وأثار زيلينسكي غضب بعض الجمهوريين بزيارته لمصنع في سكرانتون، بنسلفانيا، ينتج قذائف لجهود الحرب الأوكرانية، إذ إن هذه الزيارة، التي تمت برفقة حاكم ولاية بنسلفانيا الديمقراطي جوش شابيرو، أثارت انتقادات حادة من الجمهوريين الغاضبين.
نظرة مستقبلية
وترى الصحيفة أن هذا اللقاء بين ترامب وزيلينسكي قد يكون له تأثير كبير على مستقبل العلاقات الأمريكية الأوكرانية، خاصة في ظل احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
ومع استمرار الانقسامات الحزبية حول قضية دعم أوكرانيا، يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية تعامل الإدارة الأمريكية القادمة مع هذا الملف الحساس والمعقد.