في تقرير حول كواليس اغتيال الأمين العام لحزب الله في لبنان، حسن نصر الله، تشير صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إلى أن هناك “صراعات ومشاهد غرور كثيرة” دارت حول تنفيذ العملية، مع مداولات استمرت تقريبًا حتى اللحظة الأخيرة.
وحسب التقرير، زعم مسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعرض لضغوط لتأجيل اغتيال الأمين العام لحزب الله حتى عودته إلى إسرائيل من نيويورك، وينكرون أيضًا ادعاء حاشية نتنياهو بأن قراره بالسفر إلى نيويورك كان جزءًا من عملية خداع.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين لم تسمهم إن نتنياهو “استجاب في النهاية لضغوط وزير الدفاع جالانت ورؤساء الأجهزة الأمنية، الذين كانوا يخشون فقدان فرصة استخباراتية وعملياتية نادرة”.
يضيف التقرير: “قالت المؤسسة الأمنية إن هناك جاهزية عملياتية منذ يوم الثلاثاء، كانت تنتظر الموافقات النهائية من المستوى السياسي، وأشارت إلى أن هناك فرصة عملياتية تم استغلالها في الوقت الذي تمت فيه العملية”.
مشاورات الاغتيال
ردًا على ادعاءات جهاز الأمن الإسرائيلي، يقول مقربون من نتنياهو إن رئيس الوزراء “ضغط بكل قوته لتنفيذ عملية الاغتيال”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى أن نتنياهو طلب من الجيش مواصلة العمليات ضد حزب الله “وبعد أن قدم الجيش الإسرائيلي خطة العملية وافق عليها رئيس الوزراء. وكان الهدف الرئيسي للمؤسسة الأمنية هو مواصلة إلحاق الضرر بالقدرات العسكرية لحزب الله، وإلحاق الضرر بأنظمة الصواريخ والطائرات بدون طيار”.
وبحسب المصدر، فإن نتنياهو “توصل إلى نتيجة مفادها أن هذا غير كافٍ، وطرح فكرة اغتيال نصر الله”، وفي جلسة مجلس الوزراء التي طرح فيها الموضوع للنقاش، سئل الجميع عن مواقفهم، وكان بتسلئيل سموتريش، وياريف ليفين، ودودي أمسالم -الذي لا يحق له التصويت لأنه مراقب فقط- قد أبدوا تحفظات على اغتيال نصر الله، وقدم كل منهما مبررات مختلفة ضد الاغتيال.
لكن، نفى المحيطون بسموتريتش تردده، وزعموا أنه دعا إلى اغتيال نصر الله في بداية شهر أغسطس، كما نقل التقرير.
وحسب الصحيفة العبرية، يوم الأربعاء جرت مناقشة أخرى في مجلس الوزراء حضر إليها رئيس الأركان بالخطة، لكنها مُنحت جميع أنواع الشروط من الناحية التنظيمية العسكرية.
تقول: “في ذلك الاجتماع، اتفق رئيس الوزراء مع وزير الدفاع، كما أكد رئيس الأركان، أن مواصلة المناقشة ستتم أثناء تواجده في الولايات المتحدة”.
وأثناء الرحلة، كان هناك تشاور محدود بين نتنياهو وجالانت وهاليفي حول خطة اغتيال نصر الله، وعند وصوله إلى الولايات المتحدة، كان هناك نقاش هاتفي مبكر صباح الجمعة، والذي انتهى عندما تقرر السماح لجالانت بالمضي قدمًا.
كما أجرى نتنياهو، صباح الجمعة، مشاورة أمنية أخرى مع جالانت ورئيس الأركان وقائد القوات الجوية ورئيس الموساد ومسؤولين آخرين. وقبل ساعة من خطابه في الأمم المتحدة، تمت الموافقة النهائية على العملية.
تنفيذ العملية
في الساعة الرابعة عصر الجمعة، وصلت معلومات استخباراتية دقيقة لأجهزة الأمن الإسرائيلية حول مكان تواجد الأمين العام لحزب الله في بيروت، وأجريت مشاورة أخرى من فندق نتنياهو في نيويورك، حيث أعطى الضوء الأخضر النهائي وغادر إلى الأمم المتحدة.
تقول “يديعوت أحرونوت”: في إحدى المراحل اقترب من نتنياهو سكرتيره العسكري، رومان جوفمان، وهمس في أذنه، وبعد دقائق قليلة سلمه مذكرة. طوى نتنياهو الورقة وخرج من الغرفة مذعورًا. وبعد وقت قصير وقع الهجوم في بيروت.
وأكد التقرير أنه قبل دقائق قليلة من تنفيذ الاغتيال أبلغت إسرائيل الأمريكيين بالهجوم والهدف “وكان المنطق هو إبلاغ الأمريكيين في اللحظة الأخيرة؛ لتجنب الوضع الذي قد يستخدمون فيه حق النقض”.
وأضاف: “استغرب الأمريكان كثيرًا، وغضب بعض المسؤولين بعد أن شعروا بأن إسرائيل خدعتهم، بينما كانوا يحاولون التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وأوضح الأمريكيون أن ذلك يعقد الوضع، وقد يؤدي إلى حرب إقليمية”.
وأكدت الصحيفة أنه “علنًا، لم يكن أمام الأمريكيين خيار سوى الاصطفاف معنا، وبالفعل كانت الرسائل التي صدرت من الرئيس بايدن ونائبته هاريس ووزير الدفاع أوستن إيجابية، وذكرت أن نصر الله على يديه دماء آلاف الأمريكيين والإسرائيليين واللبنانيين، وأن هذه خطوة تحقق العدالة للضحايا”.
وبعد الاغتيال، أرسلت إسرائيل رسائل تطمين للأمريكيين، مفادها أنه بعد الضربة التي وجهت إلى حزب الله، فإن هذا يزيد من احتمالات التسوية السياسية “وبحسب هذه الرسائل، فإن نصر الله كان عبئًا ويمنع التسوية، والآن سيكون من الأسهل على الأمريكيين التوسط في المنطقة”.
وفي الوقت نفسه، طلبت إسرائيل من الأمريكيين “اتخاذ المزيد من الخطوات التي من شأنها ردع الإيرانيين عن الهجوم”.