تعتزم المملكة المتحدة اتخاذ خطوة جريئة في مكافحة العنف المتزايد ضد النساء والفتيات، إذ تخطط لتصنيف الكراهية المتطرفة للنساء كشكل من أشكال الإرهاب، ما يأتي استجابة للمخاوف المتزايدة بشأن تأثير الخطاب المعادي للمرأة على الشباب، خاصة عبر منصات الإنترنت.
مراجعة شاملة لاستراتيجية مكافحة الإرهاب
كشفت صحيفة “صنداي تلجراف” البريطانية أن وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر قد أمرت بمراجعة استراتيجية الدولة لمكافحة الإرهاب، هادفة الى إلى سد الثغرات في التشريعات الحالية التي تعتبر قاصرة عن التصدي لظاهرة العنف المتزايد ضد النساء والفتيات في بريطانيا.
وفي تصريحات للصحيفة، أكدت كوبر على فشل الحكومات السابقة في التصدي لصعود التطرف، سواء عبر الإنترنت أو في الشوارع، مشيرة إلى تزايد أعداد الشباب الذين يتم استقطابهم للتطرف عبر الإنترنت، معربة عن عزمها على سد أي ثغرات في السياسة الحالية تمنع السلطات من التصدي للعنف بشكل فعال.
توسيع نطاق برنامج “بريفنت” لمكافحة التطرف
من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى توسيع نطاق برنامج “بريفنت” الحكومي لمكافحة التطرف، ووفقًا للتوجيهات الجديدة المتوقعة، سيصبح المعلمون ملزمين قانونًا بإحالة الطلاب الذين يشتبهون في تبنيهم أفكارًا متطرفة معادية للمرأة إلى البرنامج.
حاليًا، يُطلب من المعلمين والعاملين في مجال الرعاية الصحية وموظفي السلطات المحلية إحالة الأشخاص الذين يعتقدون أنهم عرضة للتطرف إلى برنامج “بريفنت”. ومع
التغييرات المقترحة، ستتم معاملة الكراهية المتطرفة للنساء بنفس الطريقة التي يتم بها التعامل مع أشكال التطرف الأخرى.
مواجهة تأثير الشخصيات المؤثرة المعادية للمرأة
تأتي هذه الخطوة في ظل تزايد المخاوف بشأن تأثير الشخصيات المؤثرة التي تُعتبر مسؤولة عن نشر الأفكار المتطرفة بين المراهقين عبر منصات الإنترنت المختلفة، وتشير صحيفة “صنداي تلجراف” إلى أندرو تيت كمثال على هذه الظاهرة، وهو شخصية مثيرة للجدل تصف نفسها بأنها “كارهة للنساء”.
الجدير بالذكر أن تيت، وهو بريطاني-أمريكي، ينتظر حاليًا المحاكمة في رومانيا بتهم تتعلق بالاغتصاب والاتجار بالبشر وتشكيل عصابة إجرامية لاستغلال النساء جنسيًا.
إحصائيات مقلقة حول التطرف في بريطانيا
تكشف الإحصاءات الحكومية عن ارتفاع عدد الإحالات إلى برنامج “بريفنت” في العام المنتهي في 31 مارس 2023، حيث بلغت 6,817 إحالة، بزيادة قدرها 6.4% عن العام السابق.
من بين هذه الإحالات، صُنفت 37% على أنها “وجود قابلية للتأثر ولكن بدون أيديولوجية أو خطر إرهابي”، بينما ارتبطت 19% بأيديولوجيات اليمين المتطرف.
تزايد اللغة الجنسية والتعليقات غير اللائقة في المدارس
في فبراير الماضي، كشفت دراسة أجرتها شركة فودافون البريطانية متعددة الجنسيات للاتصالات عن نتائج مقلقة، إذ لاحظ 70% من المعلمين زيادة في استخدام اللغة الجنسية في فصولهم الدراسية خلال العام الماضي، بينما صادف 69% من الفتيان منشورات تروج لكراهية النساء، كما سمع 42% من الآباء أبناءهم يدلون بتعليقات غير لائقة بسبب ما شاهدوه على الإنترنت.
خطوات مستقبلية لمكافحة التطرف
من المتوقع أن تكتمل المراجعة الشاملة لبرنامج “بريفنت” في خريف هذا العام، وستركز على تطوير نهج استراتيجي محدث يتضمن تعاونًا وثيقًا بين الحكومة والمجتمعات المحلية.
كما تعتزم وزارة الداخلية البريطانية الكشف عن استراتيجية جديدة لمكافحة التطرف بحلول العام المقبل، وهذه الاستراتيجية ستشمل فئات متعددة من التطرف، بما في ذلك اليميني المتطرف وحقوق الحيوان والبيئة، بالإضافة إلى التطرف المرتبط بأيرلندا الشمالية.
تحديات مستقبلية وآفاق جديدة
إن قرار بريطانيا بمعاملة الكراهية المتطرفة للنساء كشكل من أشكال الإرهاب يمثل تحولًا كبيرًا في السياسة الوطنية لمكافحة التطرف. ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه السياسة سيواجه تحديات عديدة، خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وصعوبة مراقبة المحتوى عبر الإنترنت.
يبقى أن نرى كيف ستتعامل السلطات البريطانية مع هذه التحديات، وما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى انخفاض ملموس في معدلات العنف ضد النساء والفتيات في المملكة المتحدة. كما سيكون من المثير للاهتمام مراقبة ما إذا كانت دول أخرى ستحذو حذو بريطانيا في اتخاذ إجراءات مماثلة لمكافحة الكراهية المتطرفة للنساء.