قالت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، إن ما أوردته صحيفة «وول ستريت» بشأن عدم قدرة إدارة بايدن على حسم ملف الحرب في قطاع غزة عبر التوصل لاتفاق منطقي وصحيح، موضحة أنه من الصعوبة بمكان أن تتمكن الإدارة الأمريكية الحالية من إجبار إسرائيل على إتمام التوصل لاتفاق، لسببين الأول يتعلق بانشغالها بمسألة الانتخابات، والثاني هو أن إدارة بايدن لم تعد في وضعية تمكنها من ممارسة ضغوط فعلية على إسرائيل لاعتبارات تتعلق أيضًا بالانتخابات، فضلاً عن كونها إدارة ضعيفة في الواقع إلى حد كبير.
وأضافت أستاذ العلاقات الدولية في تصريحاتأنه سواء فازت المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، أو المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، فإن تغييراً لن يحدث في السياسات الأمريكية تجاه إسرائيل، فـ «هاريس» تعد امتداد بشكل أو بآخر لإدارة بايدن، وبالتالي، وبغض النظر عن بعض التصريحات أو المواقف اللفظية التي تبديها، فإن المواقف الحقيقية والسياسات الفعلية على الأرض لن تتغير، وهو ما بدت آماراته في رد فعل واشنطن إزاء الأحداث الأخيرة في لبنان، أما ترامب فموقفه من إسرائيل واضح، وهو ما يؤكد أن الدعم المطلق لإسرائيل مستمر سواء فازات هاريس أو ترامب، والفارق فقط يكمن في نبرة التأييد أو طريقة التعبير عن ذلك الدعم المطلق، إذ ربما يبدو ترامب أكثر وضوحاً وصراحة في التعبير.

وأكدت «الشيخ» أن تصريحات هاريس التي تبدو متوازنة أحيانا، لاسيما في إظهار تضامنها مع المعاناة الإنسانية في غزة، تخدم فقط أغراضاً انتخابية وتعد بمثابة محاولة من جانبها لمغازلة كل الأطراف، ذلك أن هناك ديمقراطيين من الملونين والمسلمين الذين يبدون دعماً لفلسطين، هذا بالإضافة للحراك الذي شهدته الجامعات الأمريكية للمرة الأولى تنديداً بحرب غزة ودعم واشنطن لتل أبيب. غير أن هذه المغازلة لن تترجم لسياسات فعلية.

وفي نهاية حديثها قالت «الشيخ» إن إسرائيل لا تعرف إلا منطق القوة، وأن بعض ساسة إسرائيل وعلى رأسهم نتنياهو، لديهم مصالح شخصية في استمرار الحرب لأن نهايتها يعني مثولهم للمحاكمات، فنتنياهو مطلوب للمحاكمة داخلياً في قضايا فساد وفي هجوم أكتوبر وهناك مذكرة اعتقال ضده من جانب المحكمة الجنائية الدولية أيضاً.

ويأتي تعقيب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة على ما نشرته «وول ستريت» في تقريرها، مساء أمس الخميس، إذ أوردت استبعاد مسؤولين أمريكيين مقربون من البيت الأبيض احتمالات التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكى، جو بايدن، في يناير المقبل، مؤكدين «عكس صحة» التصريحات العلنية التي تطلقها واشنطن بشأن وصول وشيك لاتفاق، يأتى هذا بالتزامن مع الإعلان عن تأجيل وزير الدفاع الأمريكى، زيارة لدولة الاحتلال كانت مقررة الأسبوع الجارى.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، باعتقاد مسؤولين أمريكيين رفيعى المستوى في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع «بنتاجون»، أنه بات من المستبعد التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة حماس قبل أن يغادر الرئيس، جو بايدن، منصبه في يناير.

وتأتى ترجيحات المسؤولين لدى الدوائر السياسية المقربة من الحكم في الولايات المتحدة، والذين لم تكشف «وول ستريت» عن هويتهم، على الرغم من التصريحات العلنية لواشنطن المؤكدة أن آمال الوصول لاتفاق لا تزال قائمة، بل وقريبة، إذ قالت سابرينا سينج، المتحدثة باسم «بنتاجون» في تصريحات صحفية، أمس الأول، قبيل نشر التقرير «أستطيع أن أقول لكم أننا لا نعتقد أن الاتفاق ينهار»، فيما كان وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، قد أعلن، قبل أسبوعين، إنه تم التوصل إلى 90%من اتفاق وقف إطلاق النار، مجددًا تأكيده أن التوصل لاتفاق لوقف النار ممكنًا.

وقالت «وول ستريت» إنه على الرغم من التصريحات الإيجابية المشار إليها آنفًا، فإن المسؤولين الذين تحدثوا للصحيفة أكدوا العكس، ونقلت الصحيفة عن مسؤول تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن الاتفاق الذي تروج له إدارة بايدن، في ظل وساطة مصر وقطر، لم يلق قبولًا من دولة الاحتلال وحماس؛ وقال المسؤول إنه «لا يوجد اتفاق وشيك» مضيفًا: «بل لست متأكدًا حتى من أنه سيتم تحقيق أي شىء على الإطلاق».

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن التشاؤم الذي عبر عنه مسؤولو واشنطن «المجهولين» يستند في الأساس إلى عاملين: أولًا، تعارض إسرائيل إطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين في مقابل عودة الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس. وثانيًا، الهجمات غير المسبوقة التي شنتها إسرائيل ضد حزب الله اللبنانى خلال الأسبوع الجارى، والذى زاد احتمالات وقوع خطر اندلاع صراع إقليمى واسع النطاق، وأدى إلى مزيد من تعقيد المفاوضات مع حماس.

ولفتت الصحيفة إلى أن مسار المفاوضات لم يخل من انتقادات شديدة وجهها «مسؤولون لم يكشف عن هويتهم»، لرئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، المتهم بـ«تخريب» عملية السلام حتى لا يخسر دعم الجناح المتشدد في ائتلافه الحكومى.

وبشكل عام، تواجه مساعى الولايات المتحدة والوسطاء من قطر ومصر منذ أشهر صعوبة في التوصل لاتفاق نهائى بين دولة الاحتلال الإسرائيلى وحماس، بسبب نقطتين خلافيتين يصعب تجاوزهما، الأولى تتعلق بطلب إسرائيل الاحتفاظ بقوات في محور فيلادلفيا (صلاح الدين) بين غزة ومصر، والثانية تتعلق بتفاصيل تبادل الرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين تحتجزهم إسرائيل، ويردد المسؤولون الأمريكيون، منذ أسابيع، أحاديث عن اقتراح جديد لاتفاق بين الجانبين.

في غضون ذلك، أجل وزير الدفاع الأمريكى، لويد أوستن، زيارة كانت مخططة لإسرائيل الأسبوع الجارى، حسبما نقلت وسائل إعلام عديدة، إذ نقلت وكالة «رويترز» للأنباء، عن مصدر مطلع تأجيل الزيارة، لكنها نوهت إلى أن المصدر لم يوضح سبب تأجيل الزيارة، بينما نقل موقع «أكسيوس» الأمريكى، مساء أمس الأول، عن مسؤولين إسرائيليين ومصادر مطلعة.أن سبب تأجيل الوزير الأمريكى لزيارته يعود للتصعيد في القتال على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.

وقال مسؤولون إسرائيليون لـ«أكسيوس» إن أوستن كان من المفترض أن يصل إلى إسرائيل، غدا، ويلتقى برئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف جالانت، بالإضافة إلى زيارة العديد من الدول الأخرى في المنطقة، لكن «أوستن»، تحدث هاتفيًا مع جالانت، قبل يومين، وناقش الوضع في لبنان وغزة وأبلغه بقراره تأجيل الرحلة.

وقال متحدث باسم البنتاجون إن أوستن أبلغ جالانت بضرورة إعطاء الأولوية للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس وإرساء وقف إطلاق النار في غزة والتوصل إلى حل دبلوماسى على الحدود مع لبنان يسمح للمدنيين بالعودة إلى ديارهم، مؤكدًا لوزير دولة الاحتلال، في الوقت نفسه، أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل في مواجهة التهديدات من إيران وحزب الله، وملتزمة بمواصلة ردعهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *