أظهرت دراسة جديدة أن البكتيريا يمكن أن تطور حساسية جديدة متزايدة لمستويات الحمض عند تعرضها لتطرفات بيئية مختلفة في المختبر.
اكتشاف قدرات خفية لدى الميكروبات في المختبر تحدث في البيئة الطبيعية
ويؤدي هذا الإحساس إلى سلسلة من التعبير الجيني المختلف، ما يسمح للميكروبات بإعادة تكوين نفسها إلى التطرفات المتغيرة باستمرار.
ومن أصغر الخلايا إلى أكبر الحيتان، تواجه جميع أشكال الحياة تحدي الظروف البيئية المتغيرة باستمرار.
ولفهم أفضل لكيفية تغيرنا فسيولوجيا في مثل هذه التطرفات، دفعت عالمة الأحياء الدقيقة سارة وورثان من جامعة فاندربيلت في ناشفيل وفريقها بكتيريا الإشريكية القولونية إلى الظروف البيئية الأقصى.
وكانت بعض مجموعات البكتيريا قادرة على تطوير طفرات جينية بسرعة ساعدتها على الازدهار. واستفادت السرطانات أيضا من الطفرات الناتجة، لخلق بيئة أكثر ملاءمة لأنفسها.
وكتب العلماء في ورقة بحثية: “تشير نتائجنا إلى أن هذه الطفرات قد تخدم تنسيق الاستجابات الفسيولوجية المعقدة بسرعة من خلال استشعار درجة الحموضة وتسليط الضوء على كيفية استخدام التجمعات الخلوية للإشارات البيئية لتنسيق الاستجابات السريعة للبيئات المعقدة والمتقلبة”.
وابتكرت وورثان وزملاؤها نسختهم التجريبية المكثفة للتحولات البيئية من خلال تعريض 16 مجموعة من البكتيريا الإشريكية القولونية لنوبات من المجاعة الشديدة طويلة الأمد قبل نقلها إلى بيئة غنية بالمغذيات وتكرار العملية.
ومع تجويع الميكروبات، تراكمت النفايات الأيضية، ما تسبب في تغييرات جذرية في درجة الحموضة البيئية. ثم أعطيت البكتيريا بداية جديدة بموارد جديدة كل 100 يوم، ما أدى إلى تكرار دورة الوفرة والمجاعة التي تواجهها الحياة غالبا في العالم الحقيقي.
ونشأ تغيير في كتلة بناء بروتينية واحدة، وانتشر في سبع مجموعات من البكتيريا، معظمها في غضون أول 300 يوم فقط من التجربة.
وقد حدث هذا التغير في الأحماض الأمينية من الأرجنين إلى الهستيدين في بروتين Rho، وهو جزيء يشارك في إخبار آلية صنع البروتين في البكتيريا بموعد التوقف عن الإنتاج.
وتشرح عالمة الأحياء الدقيقة بجامعة فاندربيلت ميغان بيهرينغر: “لقد عدنا إلى بياناتنا الجينومية ولاحظنا أن كل طفرة في rho حدثت مع طفرة في جين يسمى ydcI. ولا يُعرف الكثير عن هذا الجين، لكن دراسات حديثة جدا تشير إلى أنه قد يكون له دور في توازن درجة الحموضة”.
ويساعد بروتين Rho الطبيعي خلايا البكتيريا على العمل بشكل أفضل في حالة الوليمة، ولكنه يشكل عائقا عند مواجهة المجاعة.
ووجدت وورثان وفريقها أن ydcI المتحور يسمح للخلايا بتحمل التغييرات في بروتين Rho بشكل أفضل.
ويبدو أن طفرة ydcI تستجيب للتغيرات في درجة الحموضة. لذا فهي تعمل كمفتاح يتم تشغيله بواسطة التغييرات في البيئة لتحفيز التغييرات داخل الخلايا الفردية.
وتعمل هذه الجينات معا للسماح للخلايا بالتغير فسيولوجيا بسهولة أكبر مع الظروف البيئية المتغيرة باستمرار.
ويشير الفريق إلى أن القدرة على التكيف بهذه الطريقة تساعد الخلايا على التفوق على غيرها، كما نرى مع السرطان. ويبدو أن السرطانات تستخدم آلية مماثلة لزيادة درجة الحموضة الداخلية أيضا، ما يخلق سلسلة من التعبير الجيني المختلفة التي تُستخدم بعد ذلك لإعادة تشكيل البيئة الخلوية المحيطة بها.
وخلصت وورثان وفريقها إلى أن “هذه النتائج توضح قوة التطور التجريبي في تحديد الطفرات المهمة وظيفيا والمرتبطة بالبيئات الطبيعية”.
نُشرت الدراسة في مجلة PNAS.