تباشر النيابة الفرنسية تحقيقاتها في وفاة الباحثة المصرية ريم حامد، والتي عثر عليها متوفاة داخل محل إقامتها في سكن جامعة باريس ساكلاي الشهيرة، حيث تتكتم السلطات القضائية عن نشر أي تفاصيل حول الحادث، في الوقت الذي تتابع فيه القنصلية المصرية تفاصيل التحقيقات لحظة بلحظة لمعرفة أسبابه.
وحدثت حالة من الجدل حول تفاصيل وفاة الباحثة المصرية ريم حامد، حيث انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي السوشيال ميديا صورًا مزعومة لبوستات يقال؛ إن الراحلة نشرتها بتهديدات تتعرض لها من قبل القائمين على أعمالها، بل وزاد الأمر بترويج نظريات المؤامرة حول وفاتها.

◄ الباحثة كانت تستعد للحصول على الدكتوراة في البيولوچيا التكاملية
كانت الباحثة المصرية قد حصلت على درجة البكالوريوس في بايوتكنولوجي بجامعة القاهرة، ثم سافرت إلى فرنسا وتمكنت من الحصول على درجة الماجستير بجامعة باريس ساكلاي، والتي تعتبر ضمن العشرين جامعة الأوائل عالميًا، واحتلت المرتبة الـ 12 عالميًا بحسب تصنيف شنغهاي لعام 2024.

قبل وفاتها كانت تعمل ريم على إجراء أبحاثها للحصول على درجة الدكتوراه من نفس الجامعة في باريس، حيث تتضمن الجامعة بحسب وسائل الإعلام الفرنسية 7 منظمات بحثية وطنية مرتبطة بها بجانب 3 معاهد دولية للتكنولوجيا، بجانب شبكة فريدة من الكليات والمدارس.

وتسببت تصريحات أصدقائها في إضفاء مزيد من الغموض حول وفاتها، وأدلوا بتصريحات تشير إلى أنها كانت تتعرض للاضطهاد من رئيسها في العمل، بجانب العنصرية ومطالب بخلعها الحجاب، كما انتشرت بوستات من المفترض أنها للراحلة على صفحتها الرسمية للفيس بوك تكشف فيه تفاصيل تعرضها للمضايقات حتى من قبل جارتها.
◄ صفحتها الرسمية

ولكن بالبحث في الصفحة الرسمية للراحلة الباحثة المصرية ريم حامد، تبين عدم وجود أي بوستات نهائيًا من التي روجت على نطاق واسع على أنها تتعلق بالراحلة، وهو ما دفع البعض لترويج نظرية مؤامرة أخرى بأن حسابها اخترق وتم إزالة البوستات الخاصة بها دون وجود دليل على ذلك.

ومن خلال تصفح صفحتها تبين أن الباحثة المصرية كانت تتمتع بحيوية فريدة وثقة في النفس وحب الطبيعة وحس الفكاهة والتدين، وهو ما ظهر جليًا من خلال بوستاتها على الصفحة الرسمية الخاصة بها على الفيس بوك، وذلك منذ عام 2016 وحتى يوم 17 أغسطس والذى نشرت فيه الراحلة آخر بوستاتها.

ويبدو أن ريم حامد جابت خلال السنوات الماضية عدة دول أوروبية سواء من أجل السياحة أو في سبيل العلم؛ حيث نشرت عدة صور من منطقة زيورخ في سويسرا، وصورا أخرى لمعالم إيطاليا الشهيرة وميلانو، وظهر حبها وعشقها للمناظر الطبيعية حيث كانت دائمة نشر صور للغابات والجبال والبحار والحدائق وحتى الشمس والقمر والسحب الملبدة بالغيوم.

وفي ابريل 2023 نشرت الباحثة المصرية عدة صور من فرنسا برفقة والدتها التى جاءت لزيارتها، كما كانت دائما تنشر أدعية ومقتطفات دينية، ولم يكن هناك أي بوستات خلال السنوات الماضية ولا حتى الأيام الماضية تنم عن إيحائها بتعرضها للمضايقات والاضطهاد والتجسس من قبل أحد.

ربما البوست الوحيد المنشور للراحلة ونشرته في 5 أغسطس الحالي تحدثت فيه عن خلط العلم بالسياسة، وقالت إنه من المفترض أن يكون العلم غير متحيز ولا يخلط بالسياسة، متسائلة عن حال الطلاب الذين يتعرضون للأذى بسبب توجهاتهم، مشيرة إلى أنهم يعتبرون الحلقة الأضعف، مطالبة جميع الباحثين التركيز في عملهم.

◄ إثارة الجدل

هذا اللغط الكبير تسبب في حالة من الضغط على أسرة الباحثة الراحلة، وهو الأمر الذي دفعهم وأصدقاؤها المقربون للتحدث حول ذلك؛ حيث حذر شقيقها نادر حامد، عبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي من إثارة الجدل حول وفاتها، مطالبًا الجميع بعدم التحدث فى أى تفاصيل لها علاقة بوفاتها حتى انتهاء التحقيقات.

وأكد شقيقها؛ أنه لا يوجد شيء مؤكد حول الادعاءات والنظريات المنتشرة بوجود مؤامرة، لافتا إلى عدم وجود دليل جنائي واحد يؤكد صحة أي أخبار متداولة حول وفاتها، مشددًا على أن كل ما يكتب ويثار عن تفاصيل وفاتها لا يفيد الراحلة بل يضرها، وجميعها أشياء غير مؤكدة.

وطلب شقيقها بعدم تشيير أي بوستات ورسائل خاصة بها واحترام خصوصيتها، مؤكدًا أن هناك محاميًا مصريًا تولى الدفاع عن حقوقها وحقوق الأسرة، مشيرًا إلى أن القضية قيد التحقيق أمام النيابة الفرنسية و لم يصدر أي تقرير رسمي حتى اللحظة الحالية فيما يخص الوفاة أو تأكيد أو نفي شبهة جنائية من عدمه.

وهدد شقيقها من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من شهر بها وذكر معلومات دون التأكد من صحتها، لافتًا إلى ضرورة توخي الحذر في نشر أي أخبار قد تضر بسير العدالة أو تؤدي إلى المساس بحقوق المتوفاة الى رحمة ربنا ريم، وأنهم لن يدخروا جهدًا في البحث عن أسباب وفاتها.

◄ زملاؤها اكتشفوا جثتها أمام سكنها في باريس

أما صديقتها وتدعى شيماء رشدي، والتي وصفتها الراحلة ريم حامد بأنها رفيقة الدرب الجميلة، كتبت بوست مطول خاص بهما، فقد طالبت بالدعاء لزميلتها وتقدير مشاعر أهلها بعدم الخوض في تفاصيل غير مؤكدة، وحذرت من قيام أي شخص بتعيين نفسه متحدثًا باسمها وأن أهلها فقط هم المسئولون عن ذلك، نافية علمها بأي شيء عن المعلومات المنتشرة لافتة إلى أن كل الأخبار على السوشيال ميديا مجرد كلام ولا أحد يعرف شيئا.

أما صديقتها الأخرى نرمين يوسف فنشرت بوست شددت فيه على عدم تناول أي تخمينات أو تكنهات عن أسباب وفاتها، لافتة إلى أن الموضوع أمام جهات التحقيق الفرنسية، مشيرة إلى أن الأخبار المتداولة حول إلقائها من شباك غرفتها مجرد شائعات تؤذي أهلها أكثر من أي شخص آخر.

وأكدت صديقتها أن الراحلة توفيت في غرفتها بسكن الجامعة، وأن زملاءها في السكن عثروا عليها متوفاة، مطالبة المتابعين للموضوع بإعمال العقل وعدم اتهام أهلها بالتخاذل عن حقها، لافتة إلى أنهم ينتظرون التقرير الرسمي لبيان سبب الوفاة، والذي سيعلن فور صدوره.

◄ رئيس الجالية المصرية: تقرير الطب الشرعي كلمة السر.. وجثمانها يعود بعد 10 أيام

وعلى الرغم من أن الواقعة شغلت الرأي العام المصري وتحولت إلى ترند، إلا أن وسائل الإعلام الفرنسية لم تنشر أي أخبار من قريب أو بعيد عن تفاصيل وفاة الباحثة المصرية، وهو الأمر الذي أرجعه صالح فرهود رئيس الجالية المصرية في فرنسا إلى التحقيقات التي تجريها السلطات الفرنسية حول الأمر.

وأكد رئيس الجالية المصرية في فرنسا لأخبار الحوادث؛ أن القنصل العام لجمهورية مصر العربية في باريس يتابع الأمر بنفسه، وحتى الآن التحقيقات جارية من قبل الجهات الفرنسية لمعرفة سبب الوفاة وهل هناك شبهة جنائية أم أن الوفاة طبيعية، لافتًا إلى أن ذلك الأمر سوف يكشفه تقرير الطب الشرعي.

وحول المعلومات المتوفرة عن تفاصيل وفاة الدكتورة ريم حامد الباحثة المصرية في باريس، أكد فرهود أنه عثر على جثمانها أمام المنزل الذي كانت تسكن فيه، حيث كانت تجري أبحاثها للحصول على درجة الدكتوراه بجامعة باريس ساكلاي، بعدما حصلت على الماجستير من نفس الجامعة العريقة.

◄ نهاية غامضة

وكانت إحدى النظريات التي روجتها السوشيال ميديا هى إمكانية وجود محاولة لاغتيالها على غرار الدكتورة سميرة موسى، عالمة الطاقة النووية المصرية التي لاقت نهاية غامضة في عام 1952، وبحسب فرهود فإن ريم كان تخصصها الأساسي في البيولوچيا التكاملية، وليس في الطاقة النووية كما زعم البعض.

وبخصوص تفاصيل عودة جثمانها إلى أرض الوطن، قال رئيس الجالية المصرية في باريس إنه من المنتظر أن ينهي الطب الشرعي تقريره بالتحري والبحث عن سبب الوفاة، لافتا إلى أنه لن يتم التصريح بدفن الجثمان وإرساله إلى أرض الوطن إلا بعد الانتهاء من كافة التحقيقات.

◄ عودة الجثمان

وسوف يستخرج تصريح الدفن -والكلام على لسان رئيس الجالية المصرية بفرنسا صالح فرهود – من سراي النيابة الفرنسية، وهذا الأمر قد يستغرق من أسبوع إلى عشرة أيام ، مشددًا على أن هناك تحفظا لدى الجميع عن ذكر أي معلومة تؤدي في النهاية إلى استنتاج نتيجة معينة، وذلك بسبب أنه حتى الآن لا يعلم أي شخص سبب وفاتها وماذا حدث معها، مشيرا إلى أن عملية البحث الأمنية جارية الآن للإجابة على الأسئلة الهامة مثل هل هو قتل عمد مع سبق الإصرار؟.. هل ماتت بصورة طبيعية؟.. أم أن هناك أمرا آخر؟

ومن ضمن التكهنات التي تم الترويج لها هو تعرضها للعنصرية وخلع الحجاب في فرنسا، وهذا الأمر بحسب فابيولا بدوي الصحفية المقيمة في باريس «لأخبار الحوادث»: أن هذا الأمر غير مرجح على الإطلاق، كاشفة عن أن العنف والاضطهاد بسبب الحجاب أمر غير منتشر في فرنسا بدليل وجود المحجبات بكل مكان بشوارع فرنسا.

ولفتت الكاتبة الصحفية، في حديثها حول وفاة الباحثة المصرية ريم حامد؛ أن هناك الكثير من المحجبات المسلمات في الجامعات وفي كل مكان تقريبا في فرنسا، مشيرة إلى أن القانون يمنع فقط موظفات الخدمة العامة من ارتداء الحجاب أيا كان موقعهن، وكذلك العاملات في مصالح وأقسام الخدمة المدنية بحكم وظائفهن، فهؤلاء يجبرهن القانون على التزام الحياد والامتناع عن «التعبير عن قناعاتهن الدينية» خلال العمل.

مفاجأة.. الجامعة الفرنسية تعرضت لإختراق إلكتروني قبل وفاة ريم حامد بعدة أيام

وفي رحلة البحث عن تفاصيل الواقعة اكتشفت»أخبار الحوادث» أن جامعة باريس ساكلاي، كانت تعرضت لهجوم سيبراني كبير قبل وفاة الراحلة المصرية بعدة أيام، وكشفت الجامعة على موقعها أن هجومًا ضخمًا استهدف خدماتها الرقمية وأثر على جميع خوادمها الداخلية مثل الرسائل الإلكترونية والإنترانت والمساحات المشتركة وبعض تطبيقات الأعمال.

وقدمت الجامعة شكوى إلى قوات الدرك في مقاطعة باليسو من أجل اتخاذ إجراءات قانونية بشأن هذا الهجوم الذى استهدف خدمة عامة أساسية؛ حيث تعمل فرق من إدارة نظم المعلومات بدعم خاص من الوكالة الوطنية لأمن نظم المعلومات على الاستعادة التدريجية لخدماتها.

ولم تعط الجامعة جدولا زمنيًا دقيقًا لاستعادة الخدمات الرقمية إلا أن هذا التعافي سيتم على مراحل، ستمتد على مدى عدة أسابيع إلى عدة أشهر، وبحسب صحيفة لوموند كان الاختراق ضمن قراصنة الفدية الذين يسعون لابتزاز المؤسسات باستخدام برامج ضارة أو تشفير وحظر أنظمة الكمبيوتر الخاصة بها ثم المطالبة بفدية.

◄ القول الفصل

وفى السياق ذاته أعلنت الخارجية المصرية عن متابعتها لتفاصيل وفاة ريم حامد، حيث كشفت أن القنصلية المصرية في باريس اتصلت بالسلطات الفرنسية وطلبت منها إبلاغ نتائج التحقيق في أسرع وقت ممكن لمعرفة ملابسات واقعة الوفاة وطلب موافاة القنصلية المصرية بنتائج التحقيق فى أسرع وقت.

كما وجه وزير الخارجية والهجرة وشؤون المغتربين بدر عبد العاطي، بالإسراع في إصدار شهادة الوفاة وشحن جثمان المتوفاة إلى مصر فور انتهاء التحقيق، ومن المنتظر خلال الأيام القادمة أن يتم حل لغز وفاتها من خلال تقرير الطب الشرعي الفرنسي الذي سيكون الإعلان عن وجود شبهة جنائية من عدمه هو القول الفصل في الواقعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *