في وقت تتعرض فيه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لانتقادات لاذعة، بسبب فشلها الذريع في توقع عملية طوفان الأقصى في الـ7 من أكتوبر الماضي، كشفت صحيفة “ذا جارديان” البريطانية عن هوية القائد السري للوحدة 8200 بالمخابرات الإلكترونية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتعد الوحدة 8200 من أقوى أجهزة المراقبة في العالم، على غرار وكالة الأمن القومي الأمريكية.
كتاب على أمازون
أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن القائد السري الذي كان يعمل في الظل لأكثر من عقدين يدعى يوسي ساريل، تم كشف هويته بشكل غير متعمد بسبب كتاب نشره على موقع أمازون باسم مستعار مكون من حروف اسمه الأولى “بريجادير جنرال ي. س”، إذ تركت نسخة إلكترونية من الكتاب أثرًا رقميًا يؤدي إلى حساب جوجل الخاص به وهويته الحقيقية، وبالفعل تأكدت الصحيفة من هويته من خلال عدة مصادر.
الذكاء الاصطناعي والحروب المستقبلية
في كتابه “فريق الآلة البشرية” الذي نُشر عام 2021، يقدم ساريل رؤيته الجذرية لكيفية تحويل الذكاء الاصطناعي علاقة العاملين العسكريين مع الآلات. ويوفر الكتاب خريطة طريق للأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي التي طورتها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتم تجربتها بالفعل خلال العدوان على غزة خلال الـ6 أشهر الأخيرة.
يدافع ساريل في كتابه عن فكرة “دمج” عمليات الاستخبارات والحرب من خلال الاعتماد على الآلات والذكاء الاصطناعي بشكل أكبر.
نظام توصية الأهداف المثير للجدل
أحد الأفكار الرئيسية التي يروج لها “ساريل” في كتابه هي مفهوم “آلة الأهداف” التي تستخدم تعلم الآلة والبيانات الضخمة لتحديد الأهداف العسكرية المحتملة بكفاءة أعلى، إذ يقترح استخدام بيانات متنوعة مثل مجموعات “واتساب” ومعلومات الهواتف المحمولة والصور على وسائل التواصل الاجتماعي، لبناء نماذج تنبؤية معقدة تحدد الأهداف المحتملة.
ويبدو أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تبنى هذه الرؤية بالفعل خلال العدوان على غزة مؤخرًا من خلال استخدام أنظمة توصية الأهداف المثيرة للجدل مثل “Gospel” و”Lavender” التي تم تطويرها بقيادة ساريل.
إخفاق 7 أكتوبر
وتوضح الصحيفة انه منذ اندلاع علمية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي والتي أسفرت عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي واختطاف 240 آخرين، تعرض ساريل لانتقادات شديدة من داخل المجتمع الاستخباراتي الإسرائيلي، إذ اتهمه البعض بالتركيز المفرط على التكنولوجيا “المثيرة” كالذكاء الاصطناعي على حساب أساليب جمع المعلومات التقليدية، ما أدى إلى فشل استخباراتي كبير، وأقر “ساريل” بمسؤوليته عن هذا الفشل الاستخباراتي الذريع.
خطأ أمني مُحرج
أشارت “ذا جارديان” إلى ان الكشف عن هوية ساريل السرية يُعتبر خطًا أمنيًا محرجًا لشخصية كان يُفترض أن تحافظ على سرية هويتها بشكل تام، نظرًا لحساسية منصبها، فهو الذي يقود واحدة من أقوى أجهزة المراقبة في العالم والذي على حد تعبير الصحيفة، يُفترض أن “يعيش ويتنفس” عالم المخابرات، لكن هذا الحادث يضع ضغطًا إضافيًا على ساريل في ظل الجدل المحتدم حول أدائه ونهجه التكنولوجي المثير للجدل.
تراجع شعبية الوحدة 8200
كانت وحدة 8200 للمخابرات الإلكترونية تتمتع بسمعة مرموقة في إسرائيل والعالم لقدراتها الاستخباراتية الاستثنائية التي تضاهي وكالة الأمن القومي البريطانية، إلا إنه بعد الفشل الذريع في توقع عملية طوفان الأقصى، تراجعت شعبية الوحدة وسط اتهامات بأن “غرورها التكنولوجي” جاء على حساب أساليب جمع المعلومات التقليدية.
وانتشرت الانتقادات لتركيز ساريل على التكنولوجيا الحديثة كالذكاء الاصطناعي بشكل مفرط.
إعادة هيكلة المخابرات الإسرائيلية
أوضحت الصحيفة أن ساريل يُعد أحد أبرز أعضاء مجموعة المخابرات الأكاديمية المعروفة باسم “الجوقة” التي نادت بإعادة هيكلة ممارسات المخابرات الإسرائيلية في أوائل القرن الحالي، إذ يرى محللون بحسب الصحيفة البريطانية، أن ترقيته لمنصب قائد وحدة 8200 كان بمثابة تأييد من المؤسسة العسكرية لرؤيته التكنولوجية المستقبلية للمخابرات والحروب.
وعلى الرغم من التحول الكبير نحو دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، إلا إن نهج ساريل لا يزال يثير الجدل الكبير داخل المؤسسة الاستخباراتية الإسرائيلية.
ومن المتوقع أن يواجه المزيد من التحديات والانتقادات في ضوء الفشل الاستخباراتي الأخير والكشف عن هويته السرية، خصوصًا مع تصاعد التوترات في المنطقة……
مي محمد ✍️✍️✍️